مدينة "دقلة نور" طولقة
بساتينها فساتين النخيل
تنام عروس الزيبان بسكرة على فراش وثير مطرز ببساتين النخيل، ذلك ان الغطاء النباتي الذي تمثله منطقة الاكثر من مليوني نخلة والتي تمد المدينة بالأكسجين ومنها الى السماء يرتفع بخارا فينزل ماء زلالا يغري الزائرين
الحديث عن النخيل حتما هو حديث عن التمور، ولعل الناس لا يعرفون من التمور غير دقلة نور، تلك الفاكهة التي توفر حبات منها الكثير مما يحتاجه جسم الإنسان من فيتامينات، فهل عرف الناس المنطقة الشهيرة بإنتاج دقلة نور؟
لا تزال مدينة طولقة التي تبعد عن مقر ولاية بسكرة بـ36 كلم وعن الجزائر العاصمة بـ450 كلم، منسية لا يعرفها الكثيرون سوى في علب التمر المسوقة إما داخليا أو خارجيا، ويكاد الضوء يسلط عليها أحيانا كلما دعا داع لمرافقة الوفود السياحية، حيث تختطف من أعمار زوار بسكرة لحظات يحملقون بعيونهم في واحات بساتين، يأخذون صورا تذكارية ويجمعون أشتاتهم، ليبقى الشوق يشدهم والحنين يراودهم لعمتهم النخلة التي تساقط رطبها على السيدة مريم والدة سيدنا عيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام«.
تفيد الإحصائيات أن المساحة الاجمالية لدائرة طولقة تقدر بـ996 كلم2 وعدد سكانها فاق الـ34500 نسمة، حسب احصائيات قديمة في انتظار نتائج الإحصاء الجديد.
طولقة عبر التاريخ
اسم طولقة ضارب في القدم، اذ يعود الى عهد القرطاجيين، حيث كانت طولقة مدينة بربرية على علاقة طيبة مع مملكة قرطجنة، وفي سنة 202 ق. م هزم الرومان القطراجنيين دون ان يؤثروا على نمط العيش بهذه المدن، وبمجئ الملك »تاوصوص« حوالي 46 ق.م، أبدى اهتمامه بالسياسة الداخلية لهذه المدن...
تعاقبت على طولقة عدة أحداث الى ان حل عقبة ابن نافع على رأس الجيوش الفاتحة، ففتحها بعد أن واجه رضي الله عنه مقاومة عنيفة تمكن من القضاء عليها.
تذكر الوثيقة أن طولقة كانت تتشكل من ثلاث مدن محاطة بأسوار من الطوب وخنادق وعامرة ببساتين الزيتون، الكروم، النخيل، التين وأشجار كثيرة.
وتوضح الوثيقة الإعلامية، ان إحدى المدن الثلاث سكنها المولدون والثانية سكنها اليمن، والثالثة سكنها قبس.
تاريخ مدينة طولقة يعود الى القرن السابع، وهناك من يقول أن النوميديين هم الذين بنوها وشيدوها على مجرى مائي ساخن، وعن تسميتها سابقا فتدعي »تيولاشة«.
زائر طولقة تأخذه رهبة لذلك الجمال الأخاذ الذي زاده تمايل النخيل وحركة عراجين دقلة نور في تناسق كبير، يجعل القلوب تهفو الى رؤوس النخل الضاربة بجذورها ارضا وجرائدها في السماء، كذلك الذي تيمته خليلته فما إن رأى دلالها سبح في هواها.. وما يزيد في روعة المكان ذاك الحنين الذي يشد البيوت الطينية بالبساتين كما هو الحال بطولقة القديمة، حيث نكهة العيش البسيط وتواضع الأهالي.
ولعل الزواية العثمانية التي يرأسها فضيلة الشيخ عبد القادر عثماني، صرح ديني وعلمي قدمت للثورة التحريرية الكثير، وهاهي اليوم تواصل مسيرة محاربة الجهل ومحاولات التنصل من الموروث الثقافي والتاريخي للدولة الجزائرية.
وقد يكون من باب الغرابة، أن يسأل زائر عن مأكله ومأواه، وفي طولقة زاوية كبيرة ما خاف من زارها ولا صبر عن زيارتها من قضى ليلته فيها، حيث الكرم الحاتمي وقراءة القرآن الكريم فرادى وجماعات من قبل طلبة للقرآن توارثوا حفظه أبا عن جد وجدوا في طولقة حلاوة البيان، جاؤوها من كل مكان، زاوية طولقة تحمل في رفوفها كنوزا من الكتب والمجلدات والمخطوطات تسيل لعاب العدو والصديق، كما أنها الزاوية التي مهدت الطريق لانتشار زوايا في جنوب البلاد.
مدينة طولقة اليوم توسعت كثيرا حيث على امتداد البصر تمتد البيوت البلاستيكية والفسائل المزروعة لتكون بعد 04 سنوات او 05 نخيلا تمد الجزائر بثروة البترول الاصفر التي لا تزول.. وتشهد في الآونة الاخيرة استقطابا كبيرا للمشاريع الاستثمارية، خاصة الشركات المختصة في التصدير والتي وجدت في "البزنسة" بما يجود به النخيل من الربح الوفير.
يشتغل بطولقة وبلديات الجوار كغروس والدوسن، شباب وكثير منهم طاب له المقام، حتى النساء اللواتي وفدن من الهضاب العليا يشتغلن في الفلاحة، حيث تشتهر المنطقة برمتها بمنتوجات كالفلافل والطماطم والبطيخ وغيرها.
إضافة إلى كل هذا، فبالمنطقة معالم سياحية واقتصادية تسيل اللعاب، لكن الوصول إليها يحتاج الى مرافق سياحية، كتلك التي أقامها على شكل فيلات خواص لاستقبال الوفود السياحية وسط بساتين النخيل، كما ان تشجيع تشييد بيوت الشباب من شأنه التأسيس لسياحة المستقبل.